حول المائدة المستديرة، والتي تعد أهم موائد الدولة، يجلس تسعة صقارين، كل منهم له باع طويل في مجال صيده، يترأسهم كبيرهم، شيخ الصقارين، وفي آخر المائدة تجلس الهيثم البكر، القائد العام، علا، وبجانبها قادة مجموعات (الفرديات الصحراوية والثنائيات الجبلية والثلاثيات العشبية والمطارح المنبثقة والمجامع المتحدة ومنفردة المصدر ومجمعة التزامن ومتواترة الأصل والمثلث العشري والدائرة الوسطية وجزئيات المكان وكليات الزمان)، بادر الشيخ مستفسرًا:

  • أقرأتم جميعًا الملف؟

أجاب الجميع بما يفيد الإثبات، فأشار بيده إلى شخص واقف بجانب شاشة العرض القائمة أمامهم أمرًا:

  • ابدأ.

فاستجاب المنادى به على الفور، وضغط الزر، فأخذت الصور تترامى من شاشة العرض على أبصارهم، والأصوات تُرسل إلى أذانهم، وما هي دقائق معدودات حتى فهمت الهياثم الكبرى لماذا طلب السيد منهم التكرير المبدئي لخلق من خلق، وفي لحظة واحدة نظر كل منهم للآخر، وقد رسمت على شفتيهم ابتسامة، عندما رآها شيخ الصقارين وهو يراقبهم من مقعده تنفس الصعداء، فهذه ابتسامة يعلمها جيدًا، إنها ابتسامة التفاؤل بكشف مطرح الفريسة، وبمجرد انتهاء العرض نظر شيخ الصقارين إلى آخر المائدة حيث تجلس علا وفريقها وخاطبهم:

  • أعتقد أنكم الآن تفهمتم الأمر؟

فأجابت علا على الفور:

  • لم أتوقع أنه سيأتي اليوم الذي ستنزل فيه هذه الشباك لعمق البحار، بعد أن سُبق لها الرفض.

أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تواصل:

  • إنه حقًا لقد تملكنا اليأس من إمكانية تنفيذ هذه المصيدة التي طالما شاركنا في نسج خيوطها وكتابة سطورها، وما دمنا نتمنى تفعيلها.

فقال الشيخ بثقة وهدوء كالمعتاد:

  • لكل صلاة أذان، فمن المحال تنفيذ شيء سابق للأوان، والآن قد حان، فلنفعل ما نشاء.

ثم تابع:

  • سوف نناقش كل شيء بالتفصيل حينما يعود صانع المصيدة ومبدعها.

فسألت علا:

  • متي سيعود الصاقر؟
  • لن ننتظر موعد قدومه، فمهماته في الخارج لن تنتهي قبل شهر، ولذلك عليكم بإرسال برقية لجميع مكاتبنا في الخارج تدعوه للحضور فورًا، أبلغوه بهذه الكلمات:

فأمسك جميع قادة المجموعات بأقلامهم ليسجلوا ما سيمليه شيخ الصقارين الذي بدوره قال:

(دعوة للرذيلة: بعد انقضاء السنوات العجاف، عثرت الأم على فتاة بكر، تحمل نفس الجينات التي تتوافق مع جينات ولدك، وما زالت الفتاة في سن المراهقة، حيث يبدو الأمر سهل يسير، فيجب عليك مضاجعتها في أقرب ليل، قبل أن تتفاقم شهوتها ويستغلها آخرون، فالفتاة جذابة والآخرون كُثر).

انتهي الاجتماع وانصرف الحاضرون، ولم تكمل الساعة دورتها حتى كانت تُستقبل البرقية في كل عواصم العالم من شرقه إلى غربه.

                                               ***

بينما تتواجد علا داخل مكتب مجموعة (الدائرة الوسطية) لمتابعة دقائق الأمور لرسم خطة التسهيل للاقتحام اليسير في غضون 10045 ثانية، يدخل عليها قائد (منفردة المصدر) ليبلغها بوصول أربع برقيات تتعلق بالصاقر.

  • وبأي شيء تبلغنا؟
  • برقية نابولي تقول: نفرتيتي باتت في موكبها، ثم رحلت بجيشها قبل موعد استيقاظها المعتاد بساعات قليلة ولا نعلم العلة حتى الآن.

وبرقية من مالطا تقول: العصفور تأخر عن ميعاد الإياب من رحلته، ولقد حل الليل، نخشى أن يكون قد تاه في الظلام، ولكن لا داعي للقلق فنحن نطعم أطفاله حتى ظهوره مجددًا.

وبرقية مكة تقول: عباد الله تأخروا عن الطواف، ونخشى أن يضيع منهم الوقوف بعرفات.

فقالت علا في انزعاج وتشوش:

  • يا الله! هذه البرقيات غير مطمئنة إطلاقًا ولا تبعث على الارتياح، فما الذي حدث يا ربي؟
  • لا نعلم شيء، ولكن هكذا الصاقر دائمًا، فلا داع للقلق عليه، هنالك برقية رابعة تفك شفرتها في معمل المطارح المنبثقة الآن.

وما كاد أن يكمل عبارته حتى دخلت عليهم فتاة رشيقة من مجموعة المطارح المنبثقة وفي يدها مظروف وأعطته إياه، فلهمه منها بسرعة وقال:

  • إنه من مكتبنا في إثيوبيا حيث يقول: مصب النيل يزور منبعه، فبعض الضروريات حتمت في المنبع، فكان المصب بعطائه الوافر هو صاحب الحل، ولقد أبدع، وتم إخباره بالجفاف المحيط بكم، وسيكون في موطنه اليوم عند بزوغ ثاني إشارات قمركم.

فتنفست علا بارتياح وسكون وهي تنظر في ساعة المكتب الخاصة:

  • الحمد لله، فبعد ساعتين من الآن سيكون بيننا.

ثم وجهت كلامها لقائد منفردة المصدر:

  • أبلغ الشيخ في الحال.

ثم أدارت عيناها للفتاة وأمرتها:

  • أبلغي قائدي الفرديات والثنائيات بوجوب التحرك في الاتجاه المتباعد للمائة، وعلى العشبيات الاستعداد للبدء قبل 978 ثانية.

ثم عادت لتخاطب قائد الدائرة الوسطية:

  • نفذ ما تم الاتفاق عليه، وأدرج الجميع تحت قيادة الصاقر بمجرد وصوله، وعليكم التعامل بالعشر، أما كليات الزمان وجزئيات المكان فتغادر من الآن للتنفيذ.

فرفع المتواجدون أمامها التحية قائلين في لحظة واحدة:

  • علم وينفذ سيادتك.

ثم انصرفوا، وانصرفت خلفهم