في 18 شارع هدى شعرواي القاهرة, حيث مقر السفارة الرسمي, تقف سماء عارية الجسد حليقة الشعر مشجوجة الفم مخدوشة الوجه مخموشة الحلمتين موثقة اليدين مثبتة القدمين, وكل هذا لا يشبع نهم جيلان الحسن وتعطشها لإهانة تلك البريئة, فأحضرت قُضيبة غليظة وحشرتها بداخلها في محاولة لإذلالها لعلها تحاول نجاة نفسها بالإفصاح عن خطة الصقور القادمة, وبعد فشل كل الأساليب لعدم معرفة سماء بشيء, لجأت لإستخدام الحوار لعله يؤتي أوكله, ولهذا أخرجت البطاقة الأخيرة في لعبتها فصحبت معها في اليوم التالي الدكتور جروان, فما أن رأته سماء وتحققت منه حتى غضبت واحتقن وجهها, ثم ضحكت ساخرة من نفسها بعد أن تذكرت زيارته لها في ماردين وقالت بحسرة وأسى:- 

  • الآن فهمت, أنت تعمل معهم إذن, أأنت من وضعت الصابونة التي وجدتها رواية في حقيبتي؟!, بررت الزيارة وقتئذ بأنك أتيت لكي تجعلني ألين قلب العم علاء من ناحيتك وأجعله يصفى لك.

أطرق جروان رأسه أرضًا, فسكتت قليلًا, ويكسو ملامحها الغضب, بينما تلطخ الدماء جسدها, ثم أردفت:-  

  • كم كنت ساذجة وحمقاء عندما وثقت بك وبألا أخبر أحد عن زيارتك!

فرد جروان بلهجته الناعمة في محاولة للاستمالة والإعتذار:-  

  • أعتذر لك بشدة يا سماء, أرجوك تقبلي أسفي فكما تعرفين حبي لك وإعجابي بك, أقسملك لم أكن أريد أن أعرضك لأي أذى ولكن كنت أريد حمايتك أنتِ وعلاء بعدم الانخراط في هذه الأعمال الخطيرة.

لم تستطع جيلان كتم سخريتها وضحكتها من تمثيل جروان لدور البرىء فقالت مستهزأة بهما:-

  • لا وقت لهذا التعاطف والمشاعر الجياشة أيها العم مع طفلته المدللة, فلدينا عمل أهم.

ثم رمت بإشارة من عينيها لمساعد لها واقفًا على مسافة لفك القيود, ففعل ما أمر به ثم أجلسها على الأرضية, فأخذت جيلان كرسيها إلى أن اقتربت من سماء فوضعته أمامها وجلست رافعة رجليها على كتفيها حتى أحكمت رأسها بينهما, ثم قالت وهي تنظر بعيون شامتة لجروان:-   

  • بصراحة يا سمسومة, عمك جروان كذاب, لأننا كنا نعرف جميع تحركاتكم وخططكم من خلال ما استطاع أن يزرعه في أغراضك ولهذا عندما توقف عملك معهم وعدتي للقاهرة لم نتمكن منهم مرة أخرى.

فنظرت سماء بعيون آسفة وملامح متحسرة على ما آل إليه حال جروان, ثم أعادت عيونها لتلتقي بعيون جيلان وهي بين قدميها, وقد أكسبت شعاعها هذه المرة كبرياء, ثم قالت بشجاعة:- 

  • الحمد لله أنني خرجت من دائرتهم, وإن كان موتي خير لهم, ففدائي فدائي.

ثم أردفت مستفسرة:-

  • لدي سؤال يحيرني, نحن نعمل مع الصقور من أجل خدمة البلد ومما أعرفه عنك أنك نسر بالجهاز الأمني المفترض أنه يعمل أيضًا في خدمة الوطن, فكيف لك أن تكمني لنا كل هذه العداوة وكيف لك كل هذه الإمكانيات التي تؤهلك لأن تحاربي جهاز الصقور الذي بدوره أقوى وأعم وأشمل من الجهاز الأمني؟
  • سؤالك منطقي يا سمسومة, ولهذا سأجيب عليك حتى تجيبي على أسئلتي, اتفقنا؟

لم تجد من سماء رد, فتابعت مجبرة فلا حل لها إلا مجارتها:-

  • أنا في واقع الأمر أعمل بصفة رسمية مع جهاز النسور, أما عملي السري والحقيقي هو المسئول الأمني السري بسفارة دولة النظام العسكري ذو السيادة المستقلة لمالطا SOVEREING MILITARY ORDER of MALTA   بالقاهرة.
  • نعم تفهمت, الدولة الأعجب في العالم, دولة الشياطين.

ثم ضحكت بصوت مرتفع ساخرة وتابعت:-

  • أما أنها دولة عفاريت, بما أنها دولة بدون أرض أو بشر؟

فأحكمت جيلان قدميها على عنق سماء مما أخنقها وصرخت بشدة وعدائية:-

  • لا أحب كلمة دولة الشياطين, لا تقوليها ثانية حتى لا تفقدي رأسك هذه, فليس لنا أرض محددة لأن جميع الأراضي أراضينا, وليس لنا بشر لأن جميع البشر عبيدنا وكلاب في خدمتنا.

فسألت سماء بصوت مبحبوح من أثر خنقها:-

  • العالم أجمع دائما ما يطالب بالإجابة عن سؤال واحد ولا أحد يجيبه, لماذا تعترف بكم كل هذه الدول وتسمح بتواجدكم على أراضيها بهذا التمثيل الدبلوماسي المزيف مع علمهم بحقيقتكم وإرهابكم؟
  • أنا سأجيبك لأنك كغيرك تعيشين في وهم, كل الرؤساء والحكومات والهيئات الدولية تعرفنا ونعرفها جيدًا فأوارقنا مكشوفة أمام بعضنا البعض, وهي في حاجة لنا أكثر من حاجتنا لها, لأننا وحدنا القادرين على تبييض أموالهم وتهريبها بصفتنا الدولية والدبلوماسية بعيدًا عن عيون ومراقبة أجهزتهم المحلية, فنحن دولة ومنظمة وشركة غير شرعية غير أننا نسرق ونقتل ونهدم ونتاجر بالبشر ونفتعل الحروب ونبيع الأسلحة ونقاتل أحيانًا في جانب القوي على حساب الضعيف, وجميع الحكومات تعرف وتسهل لنا مهماتنا لأنها في حاجة لنا أكثر من حاجتنا إليها فهي لا تثق في شعبها ولا جيشها ولا أجهزتها الأمنية كما تثق بنا, فهي تعلم قدراتنا وولاءنا فإذا كانت صديقتنا فلا خوف عليها, فنحن سمسار المعلومات الأكبر في العالم حيث نملك بورصة المعلومات التي تصب فيها جميع الأجهزة الأمنية معلوماتها وكل بسعره, غير أننا الجهة الأكثر إعتمادًا عليها في حالة الرغبة في القيام بأي انقلاب أو منعه في دول العالم الثالث وكل أيضًا بسعره, غير أننا نملك أهم وأكبر شركات الحراسة المدنية المسئولة عن تسهيل عمليات الجماعات المتطرفة والإرهابية وتسهيل أي عمليات حربية مثل ما انتشر بخصوص حرب العراق وشركات “بلاك واتر” وتم تكذبيها ونفيها من جميع رؤساء العالم وهي حقيقة وكلهم يعلمونها, وإنما في هذا العالم ما نريده أن يكون حقيقة فسيكون حقيقة وما نريده أن يكون كذب سيكون كذب, هل تعلمين كم محطة إعلامية ملك لنا في جميع أنحاء العالم؟ هل تعلمين عدد المحطات في البلاد العربية؟ في مصر؟ فلهذا أقول لك باختصار وبكل فخر نحن الأقوى, فمن مصلحتك أن تعيطيني ما أريد.
  • يا الله, ماذا تريدون منا وما علاقتكم بالحشاشين فهم يدعون للإسلام وأنتم تدعمون المسيحية؟
  • في الحقيقة لا تشغلنا المسيحية, ولا هم يهتمون بالإسلام, وإنما نريد جميعا المصلحة العليا, السلطة والمال, أما الأديان فتركناها لكم, ولهذا حاليًا نقوم بعملية رد الجميل فما قمنا في هذه الأرض ولا استطعنا التمكن منها إلا بوقوف الحشاشين معنا في النشأة الأولى, زمن الأجداد, واليوم حيث نمتلك كل شيء من مال وحكم وسياسة وتكنولوجيا فإننا نساعدهم على تكوين العالم الجديد على أن يكون بالشراكة بيننا وبينهم.

قاطعتها السكرتيرة لوصول إيميل من المكتب الرئاسي يوبخها على استخدام مقر السفارة العلني, ويحثها على إنهاء الفوضى التي تابعت خطف سماء بإرسالها للجزيرة مع الدكتور علاءالدين بعد اختطافه لما يثيره من مشاكل مؤخرًا.