بعد أن ذهبت رواية مع سمسارة الأجيال لإكمال خطتهم الموضوعة, ارتحلت علا والصاقر لغرفة العمليات الأهم والأخطر في خطتهم, والتي اختيرت وصممت على الجزء الجنوبي من شبه جزيرة الداخلة بجانب مدرسة تعليم ركوب الأمواج, تجلس علا على الرمال الناعمة بواجهة الماء المخضر الذي يداعب بين الحين والحين باطن قدميها, وجُل تركيزها على صورة وائل التي بين يديها, غائصة في الذكريات وقد خيم الحزن على وجهها بعد مكالمتها مع علاء حيث لا جديد, فمنذ عودته لمصر وهو يستكمل رحلته في البحث عن جثة إبنهما, فبعد مجزرة إستاد بورسعيد وإختفائه اعتبر في قوائم الضحايا إلا أن السلطات الأمنية مازالت تبحث عنه وعن عشرة جثث أخرى مفقودة منذ الحادثة, وبجانبها الصاقر منهمكًا في القراءة حيث استلم الملف الذي طلبه من قسم البحوث بالقبة ففتحه وأخذ يطلع عليه؛ “إلى من يهمه الأمر…..,  

بناء على معرفتنا الآن بحقيقة الجهات المشتركة والمدعمة لهم بحثنا في كل تجاربهم السابقة في مثل هذه المشاريع العالمية لنستطيع أن نخمن سياساتهم, والتي وجدنا أنها قائمة على فلسفتهم القديمة بفك علاقة الدال بالمدلول, بعيدًا عن المصطلحات الفلسفية وتعمقاتها, فالدال هو الصورة الصوتية التي تعني الشيء وتدل عليه, والمدلول هو الصورة الذهنية للشيء المعني, بمعنى أن هذا الكتاب هو كتاب لأننا جميعًا تعرفنا عليه بهذا الاسم, وإن تغير النطق من لغة للغة ولكن يظل هناك في كل مجتمع تعارف وتواطؤ عليه بصفته وباسمه, فعند أي انجليزي كلمة book يقابل هذا المعنى والاصطلاح عند أي عربي بكلمة كتاب, ولهذا يطوعون الكلمات والجذور ويغيرون معناها بقاعدة أن لكل كلمة ظاهرة معنى باطن, للهروب من الفروض والواجبات, فعندما تتحدث معهم في أي أمر يقولون لك هذه الكلمة ليست بالمفهوم الذي يصل إليك وإنما الإمام له تفسير ومفهوم خاص موحي له من الله, ولهذا عندما يذكرون كلمة الطهارة فهم يقصدون الطهارة من كل شيء ما عدا عقيدتهم, وليست الطهارة أي الوضوء والاغتسال, وهكذا الصلاة والحج والزواج والزكاة مما يجعلهم يبحون كل محرمات, ويمارسون زنا المحارم ويجعلونه وسيلة تقرب وطاعة لله تحت فرض صلة الأرحام, ولهذا هم أخطر الطوائف والفئات لأن ليس بينك وبينهم قواعد وثوابت عقلية مشتركة فتستطيع أن تتحدث معهم وتحاورهم.     

ومثل هذا ما تقوم عليه سياساتهم في مشاريع “الأفلام الإباحية والقصصص الجنسية” والتي يتملكون 43% من حجم تجارتها الدولية, و79% من الموجهة بشكل خاص للمجتمعات العربية والمسلمة, حيث أن لضمان الربح والمكسب يعتمدون على فلسفة تزيف الوعي بتغيير مضمون المفاهيم, وهي أفكار حسن الصباح القديمة بعينها, فالذي تعتقده وتربى عليه طوال حياتك بأنه حرام أو عيب أو شاذ هو يحاول دومًا أن يظهره لك على أنه فطري وطبيعي, فهدفه ترسيخ فكرة أن الجميع يسعون وراء شهواتهم, ويجعلون كل هذا في صورة طبيعية وعادية وواقعية ترسخ في اعتقادك أن جميع النساء خائنات ولا يبحثن سوى عن الفحل الذي يشبع رغباتهن, وأن المرأة جسد فقط من حقك ضربها وإهانتها وهذا يكسبك رجولة أكثر, وأن ممارسة المحارم إن لم يكن فرض ديني عليك فهو شيء غريزي فلا تحرم نفسك منه, والمثلية هي طبيعة فطرية عليك تجريبها, وأن الزوجة من حقها الممارسة مع غير زوجها فهذا يكسب لها ولك متعة أفضل, وكل هذا من خلال ملايين الأفلام والمقاطع المرئية والقصص, والمعدة بشكل احترافي, والتي يشرف عليها علماء وأخصائيين من أجل التحسن والاستمرارية لضمان مكاسبهم, سواء المادية أو الفكرية.  

والخلاصة, أنه من خلال أبحاثنا في التجارب السابقة منذ أيام حسن الصباح في قلعة ألموت واختياره للأصغر سنًا للقيام بهمة الفدائي, ومع معطيات ما لدينا عن عملياتهم الحالية, نستنتج أنهم يطبقون سياسة خلق مفاهيم مغلوطة ومغايرة في العقلي الجمعي للأطفال, فبدلًا من تسميته كتاب إذا سموه قلم وتعلمته الأطفال على أنه قلم سيكبر الأطفال ويعيشون طوال حياتهم وهم على يقين أنه قلم طالما العقل الفردي والجمعي توحد على هذا المفهوم, ولهذا نتوقع أن عمليتهم الحالية هي خلق مجتمع من الأطفال يرسخون بداخلهم أن الغير كافر وشيطان, وأن قتل الغير هو السبب الذي من أجله خلقوا, وأن الجنة للقاتل وأن مرتبته فيها بعدد قتلاه, وهكذا دواليك بتغيير المفاهيم بما يخدم مصلحتهم عند أمرهم باجتياح العالم.

                                  تحياتي

                                            رئيس قسم البحوث الفلسفية والدينية