في الضحى حيث تبسط الشمس أشعتها في جميع الأركان, لملم العم قعود أطراف جلبابه حول خصره, واحتضن العمود الكهربائي محاولًا بذراعيه النحيفين الصعود لأعلاه, ولكن بدون جدوى, أثارت محاولاته العديدة والفاشلة ثلة من الناس, فدنى أحدهم منه سائلًا:

–      ماذا تفعل يا عم قعود؟

 فأجاب العم بلا مبالاة:

  • أذهب للرب.

 فتعجب أخر فقال مستوضحًا:

– ماذا تقول يا عم؟ ماذا تعني بصعودك لله؟

– أريد أن أسأله لماذا خلقني إنسان؟

  فتعجب الناس لسماعهم هذا القول من العم قعود الحاج والمتدين, فبعد نظراتهم المريبة لبعضهم البعض, أجاب طالب جامعي يظن بنفسه أنه عالم هذه القرية وحكيمها الفيلسوف:

  • خلقك إنسان ليميزك عن الحيوان, والميزة هي العقل.

 فصدرت عن العم قهقة ساخرة ثم التفت للشاب الكائن خلفه قائلًا:

  • وما فائدة هذا العقل يا فتى, فالحيوان بلا عقل, ولكن هل رأيت حيوان يكذب؟, هل رأيت حيوان ينافق؟, هل رأيت حيوان يصارع حيوان أخر من أجل نزواته الشخصية؟, لا حيوان يفعل هذا يا بني ولكن الإنسان يفعل كل هذا, بل ما هو أضل سبيلًا.

_______________

نشرت قصة لماذا خلقني إنسان ضمن المجموعة القصصية عربي وأعجمي ورقيًا في مصر في 2020، وهنا القصة كما نشرت دون أي تعديل أو تصحيح.